الأخرى من أهل البلاد التي فتحوها جعلت الكثير من عقلاء المفكرين المسيحيين المنصفين يعترفون بتلك الحقيقة ويشيدون بالمسلمين وبمعاملاتهم السمحة الندية ...
يقول الكونت هنري كاستروا في كتابه (الإِسلام خواطر وسوانح):
"ولقد درست تاريخ النصارى في بلاد الإِسلام فخرجت منه بحقيقة مشرقة وهي أن معاملة المسلمين للنصارى تدل على لطف في المعاشرة وترفع عن النلظة وعلى حسن مسايرة ورقة مجاملة"(١).
وبهذا التشريع المستنبط من عدالة الإِسلام وروح الوحدة الإنسانية عامل المسلمون غير المسلمين ولا يزالون على هذه السُّنَّة الإِسلامية الحميدة إلى اليوم لم يشاهد منهم ما يعابون عليه أو يكون مذمة في حقهم. وتلك المعاملة الكريمة تعد أساسًا أسلوب دعوة إلى الله -تعالى- على الدعاة إلى الله أن لا يغفلوه عليهم أن يدعو إلى الله على بصيرة بإبراز آداب الإِسلام.
ولا يقصد أبدًا أن يقوم بين المسلم وغير المسلم ولاء وتناصر وتواد على حساب العقيدة إذ أن الولاء الحق: لا يكون إلَّا لله ودينه ورسوله والمؤمنين خالصًا في قلب يؤمن بالله حقًا مدركًا لحقيقة التوحيد لا إله إلَّا الله محمد رسول الله ممتثلًا لها مدركًا مدلولها ومعناها عارفًا بمقتضياتها ولوازمها ثم علمه بحقيقة "الولاء والبراء" في المفهوم الإِسلامي الصحيح وهو أن: الولاء والحب والنصرة للمؤمنين من أي جنس كانوا، وبأي لغة نطقوا وفي أي مكان حلوا، فهو معهم بقلبه ولسانه وماله ودمه يألم لألمهم ويفرح
(١) انظر: في وجه المؤامرة على تطبيق الشريعة الإِسلامية لمصطفى فرغلي الشقيري ص ٣٢.