والأنبياء جميعًا تنطلق من هذه النقطة، والغاية الأولى التي أنزلت لها الكتب السماوية الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونبذ كل ما يعبد من دونه، ومحاربة الجاهلية بكل أشكالها وصورها وتقويم الفكر المنحرف والعقائد الزائفة.
إذن فإنه قبل التفكير في إقامة مجتمع مسلم ينبغي أن يتجه الإهتمام أولًا: إلى أن يتمثل هذا المجتمع العبودية لله وحده في معتقدات أفراده وتصوراتهم كما يتمثلها في شعائرهم وعباداتهم كما تتمثل في نظامهم الجماعي وتشريعاتهم.
وهذه هي نقطة البدء في محاولة بعث أمتنا الإِسلامية لتحكيم الشريعة الإِسلامية: عقيدة تملأ القلب وتفرض سلطانها على الضمير، عقيدة مقتضاها ألا يخضع الناس إلَّا لله، وألا يتلقوا الشرائع إلَّا منه دون سواه ... يقول صاحب "معالم في الطريق" تحت عنوان "لا إله إلَّا الله منهج حياة" ما يلي: (العبودية لله وحده هي شطر الركن الأول في العقيدة الإِسلامية المتمثل في شهادة: أن لا إله إلَّا الله. والتلقي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كيفية هذه العبودية. هو شطرها الثاني. المتمثل في شهادة أن محمدًا رسول الله والقلب المؤمن المسلم هو الذي يتمثل فيه هذه القاعدة بشطريها، لأن كل ما بعدهما من مقومات الإيمان وأركان الإِسلام إنما هو مقتضٍ لهما:
"فالإيمان بملائكة الله وكتبه ورسله والهوم الآخر والقدر خيره وشره. وكذلك الصلاة والزكاة والصيام والحج. ثم الحدود والتعازير والحل والحرمة والمعاملات ... والتشريعات والتوجيهات الإِسلامية إنما تقوم كلها