للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أبيه عدم إسراعه في إزالة بقايا الإنحراف والمظالم والتعفية على آثارها وَرَدِّ الناس إلى سنن الراشدين فقال عبد الملك لأبيه يومًا: مالك يا أبت لا تنفذ الأمور؟ فوالله ما أبالي لو أن القدور غلت بي وبك في الحق!! فكان جواب الأب الفقيه المؤمن: لا تعجل يا بني فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين وحرمها في الثالثة. وإني أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدعوه جملة فيكون من ذا فتنة" (١).

"ومن هنا كان لزاما على الذين يدعون إلى استئناف الحياة الإِسلامية وإقامة دولة الإِسلام في الأرض أن يرعوا سنَّة التدرج في تحقيق ما يريدون من أهداف آخذين في الإعتبار سمو الهدف ومبلغ الإمكانات وكثرة المعوقات (٢)، ولابد أن يأخذوا أسوة العهد النبوي الزاهر ويسيروا بطريق متزن ويدركوا طبيعة هذا الدين ومنهجه في الحركة على النحو الذي بيناه.

فيجب أن تخلص القلوب أولًا لله وتعلن عبوديتها له وحده بقبول شرعه وحده ورفض كل ما سواه. ثم بعد أن تتقرر "عقيدة التوحيد" على مهل وفي عمق وتثبت وبعد أن تتمثلها نفوس حية وضمائر حية متكيفة بها ومتفاعلة معها ومستجيبة لها ... ثم يأتي بعد ذلك التدرج في الخطوات وإعطاء كل خطوة ما تستحقها من العناية والدراسة وسنفصل ذلك قريبًا إن شاء الله -تعالى- (٣).


(١) الموافقات في أصول الأحكام للشاطبي ٢/ ٦٦ مطابع المدني بالقاهرة.
(٢) الصحوة الإِسلامية د. يوسف القرضاوي ص ١٠٥.
(٣) انظر ص ٣١٥: ٣٤٤.

<<  <   >  >>