للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ش) يعني الرواية بالجهر. ثم ذكر الإخفاء (١) رواية عن نافع وعن حمزة، وليس فيما ذكر من الإخفاء المروي مناقضة لقوله: (ولا أعلم خلافا بين أهل الأداء في الجهر بها): إذ لا تعارض بين الرواية والأداء.


(١) أي الإسرار بالتعوذ، وممن أخذ به لحمزة مطلقاً أي في أول الفاتحة وغيرها من روايتي خلف وخلاد أبو العباس المهدوي، وروى خلف عن سليم عن حمزة أنه كان يجهر بالتعوذ في أول الفاتحة ويخفيه في سائر القرآن، وروى خلاد عن سليم أن حمزة كان يخير القارئ بين الجهر والإسرار في التعوذ. وصح إخفاء التعوذ في جميع القرآن من رواية المسيب عن نافع وانفرد به الولي عن إسماعيل عن نافع، وكذلك الأهوازي عن يونس عن ورش. وقد أشار إلى هذا الشاطبي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في قصيدته حيث قال:
وإخفاؤه فصل أباه وعاتنا ... وكم من فتى كالمهدوى فيه أعملا
أي: أن المرموز له بالفاء من (فصل) وهو حمزة، والمرموز له بالهمزة من (أباه) وهو نافع كنا يخفيان التعوذ عند قراءتهما، وعلى هذا يكون قول الناظم: (وإخفاؤه فصل) في قوة الإستثناء عن عموم قوله:
إذا ما أردت الدهر تقرأ فاستعذ ... جهارا من الشيطان بالله مسجلا
فإنه بعمومه يدل على الأمر بالتعوذ جهارا في جميع الأوقات، وفي سائر القرآن، ولجميع القراء ولكن الصحيح أن لا رمز في البيت، وأن قوله (فصل) معناه: فرق أي: بيان لحكمه إخفاء التعوذ وهو الفرق بين القرآن وغيره، أو معناه أن إخفاء التعوذ حكم من أحكامه وكيفية من كيفياته. (أباه) أي: رده علماؤنا الحفاظ الأثبات ولم يأخذوا به بل أخذوا بالجهر به في جميع القرآن، ولجميع القراء، لأن الآية مطلقة وتقييدها بالإِخفاء خلاف الظاهر.
فإن قلت: تقيدها بالجهر خلاف الظاهر، فالجواب عن ذلك أن يقال: (إن الجهر بالتعوذ إظهار لشعار القراءة كالجهر بالتلبية وتكبيرات العيد، ومن فوائده أن السامع ينصت للقراءة من أولها لا يفوته منها شيء وإذا أخفى القاريء التعوذ لم يعلم السامع بالقراءة إلا بعد أن يفوته من المقرؤ شيء؛ وهذا المعنى: هو الفارق بين القراءة خارج الصلاة وفي الصلاة، فإن المختار في الصلاة الإخفاء، لأن المأموم منصت في الصلاة من أول الأحرام فلا يفوته شيء من قراءة إمامه.
والحاصل: أن التعوذ يستحب إخفاؤه في مواطن والجهر به في مواطن أخرى: فمواطن الأخفاء:

<<  <  ج: ص:  >  >>