ذا لبّ لم يخف عليه هذا. وقد صار إعفاء اللحى من سيما أهل الصلاح والتقى في زماننا فلا تجد ذا صلاح وتقى إلا من أهل اللحى وكفى بهذا شرفاً لأهل اللحى. وأما التمثيل باللحى فقد صار من سيما أهل الفسوق والعصيان ولهذا تجد فيهم من التهاون بالواجبات وانتهاك المحرمات ما لا تجده في أهل اللحى وكفى بهذا نقصاً وخزياً لمحلقي اللحى.
الشبهة الثالثة أن بعض الحمقى إذا نهي عن التمثيل بلحيته وقيل له إن التمثيل بها لا يجوز لأنه من فعل المجوس وأشباههم من المشركين وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم في ذلك ونهى عن التشبه بهم.
فجواب الأحمق أن يقول إن أطول الناس لحى البانيان وأشباههم من المشركين. وتقرير قول الأحمق أن عباد البقر وبعض أصناف المشركين من غيرهم يبالغون في إعفاء لحاهم فيكون المسلم المعفي للحيته متشبهاً بهم كما أن الممثل بلحيته متشبه بالمجوس وطوائف الإفرنج ومن شاكلهم من المشركين فيتقابل الفريقان المعفون والممثلون.
والجواب عن هذه الشبهة من وجوه أحدها أن يقال أن مشروعية إعفاء اللحى ثابتة بالنصوص الصريحة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم وما كان مشروعاً للمسلمين ففعل المشركين له لا يضر المسلمين شيئاً ولا يكون ذلك من المشابهة المذمومة.