يوضح ذلك الوجه الثاني وهو الإيراد على المسلمين بأفعال المشركين يقتضي القدح في كثير من شرائع الإسلام ويستلزم إبطالها. والأمثلة على ذلك كثيرة لا يتسع هذا الموضع لبسطها. فمن ذلك الختان فإنه مشروع للمسلمين وقد كان اليهود ومشركو العرب يختتنون ولم يكن على المسلمين من فعلهم ذلك بأس. ومن ذلك أن المشركين كانوا يعتكفون في المسجد الحرام كما قال عمر رضي الله عنه يا رسول الله إني كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال النبي صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وقد شرع الله للمسلمين الاعتكاف في المساجد ولم يكن عليهم بأس من اعتكاف المشركين.
ومن ذلك أن المشركين كانوا يحجون فيطوفون بالبيت ويسعون بين الصفا والمروة ويقفون بالمشاعر ويهدون الهدي ويفعلون كثيراً مما يفعله المسلمون في الحج ولم يكن على المسلمين من ذلك بأس. ومن ذلك أن المشركين كانوا يجعلون الدية مائة من الإبل وقد جاء الإسلام بتقرير ذلك ولم يكن على المسلمين من ذلك بأس. ومن ذلك أن المشركين كانوا يحكمون بالقسامة وقد جاء الإسلام بتقرير ذلك ولم يكن على المسلمين من ذلك بأس. إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة. أفيقال أنه لا يجوز للمسلمين إعفاء اللحى ولا الختان ولا الاعتكاف في المساجد ولا الطواف بالبيت ولا السعي بين الصفا والمروة ولا الوقوف