أما البحث عن أسباب الداء وعن منشأ العدوى فمن عمل علماء الاجتماع وأرباب الأقلام، يدرسون أحوال هؤلاء المنحرفين ويبحثون عن العوامل التي عملت على انحرافهم، والعوامل التي تعيدهم إلى الجادة وتبعدهم عن هذا الانحراف.
ولنا من تجارب الأمم الأخرى صور تنير لنا الطريق، لا يمنع الشرع من أخذها بل يحثّنا على الاستفادة منها، لأن الحكمة ضالّة المؤمن يأخذها حيثما وجدها. فقد أُسِّست عندهم معاهد لمعالجة الانحراف وأقيمت مؤسسات، ورُصدت لذلك أموال طائلة وعَملت له عقول مفكرة، واستُخدم لذلك العلاجُ المادي: أدوية ومستحضرات للخلاص من إدمان المخدرات والخمور وأمثالها، والعلاج النفسي لتقويم الميول المنحرفة وحل العقد النفسية.
أما الأدوية المقوّية التي يكون بها الجسم المتين الذي يقاوم المرض، فمن عمل الوُعّاظ والخطباء والمدرّسين، والكُتّاب في الصحف والمُحدّثين في الإذاعات.
إن هذا الوعظ لا بد منه، ولكن بشرطين. الأول: أن يكون بأسلوب العصر الذي يفهمه أهل العصر، فإنّ لكل عصر أسلوباً يفهم به أهله. ولست أدعو إلى تبديل حقائق الدين، فحقائق الدين لا تبدَّل، وتبديلها كفر بها ومُجانَبة لها، ولكن أدعو إلى تبديل أسلوب عرض هذه الحقائق. فقد يكون أسلوب منها صالحاً من مئة سنة ولكنه لم يعد يصلح الآن، ولو بعثت مبشراً بالإسلام