للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متديّناً على جهل بحقائق الدين، متمسكاً بالإسلام على مزج لكثير من البدع والخرافات بالإسلام؛ كان يجمع بين شهادة أن «لا إله إلا الله» وبين العكوف على القبور وسؤال أصحابها ما لا يقدر عليه إلا الله، ومن أنكر عليهم شيئاً من ذلك وصموه بالوهابية. وقد لا يبالي القارئ الشاب اليوم بهذه الوصمة ولا يرى فيها شيئاً، ولكنها كانت يومئذ من الوصمات الكبار، وأذكر أني علقت مرة في «علقة» الأستاذ في المدرسة ونالت قدمَيّ عصاه، لأني ضُبطت بالجرم المشهود حين أُمسكت واقفاً على درس الشيخ عبد القادر بدران في جامع بني أمية في دمشق!

* * *

هذه الصورة التي صوّرت بها مصر قبل ربع قرن هي «مصغَّرة» صورة الشام في تلك الأيام.

كان في الشام مشايخ أجلاء من أوعية العلم وصدور العلماء، ولكنهم كانوا -على الغالب- جاهلين بأحوال الناس، ينفرون من كل جديد ويطمئنون إلى كل قديم، عجزوا عن الدعوة إلى الله بالأساليب العصرية الجديدة وعن إدراك عقلية الشباب، فانسحبوا من المعركة وأخلوا الميدان، وانطووا على نفوسهم واعتكفوا في مدارسهم ومساجدهم.

و «أفندية» يقودهم من كانوا يُسمَّون في الشام رجال الرعيل الأول من الوطنيين، وكانوا -على الغالب- جاهلين بالإسلام ليس في نفوسهم منه إلا صور مشوَّهة، وكانوا حرباً على أهله والداعين إليه، وإن كان لهم فضل العمل على دفع الاستعمار

<<  <   >  >>