للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:


= بهم الغرفة، ورأينا أثاثاً يدلّ على ترف. وكان على المنضدة أمامنا طبق فيه «بسكويت» فاخر، ولكنا أعجلناه عن دعوتنا إليه وشغلناه -بالمناظرة- عن نفسه وعنه.
وبدأ الحديث بهذه المجاملات السخيفة التي تبدأ بمثلها الأحاديث ... ثم تكلمنا عن الاجتهاد والتقليد فانتقص -غيرَ مصرِّح- أهل السنة بسدّ باب الاجتهاد وامتدح جماعته بفتحه، فقلت له: ومَن سدَّ الباب؟ ومن قال لك إن الاجتهاد انقطع في عصر من العصور؟ إنها كانت تنزل نوازل لم يُنَصّ على مثلها، فكان العالِم يُستفتى فيها فيُفتي مجتهداً على قواعد إمامه وأصوله. وسأله صديقنا الأفغاني عن حقيقة الاجتهاد عندهم وماذا يصنع هؤلاء المجتهدون اليوم؟ فقال بأنهم يفتون في كل مسألة غيرَ مقيَّدين بنقل من عالم أو إمام، فقلت: حتى الأئمة الاثني عشر؟ فراوغ في الجواب وقال بأن الأئمة لا يخالفون الرسول، فقلت: إن هذا ليس بجواب".
إلى أن قال: "ثم وصل الحديث إلى دار التقريب هذه، وما غايتها وما منهجها، وكيف يكون التقريب؟ فأعطانا قانون الدار ومقدمته، فقلت له: قد قرأت هذه المقدمة في دار الرسالة فلم أفهم منها شيئاً، وقرأت خلاصتها على الأستاذ الزيات فلم يفهم منها شيئاً، وقرأها صديقنا الأفغاني بعد ذلك فلم يفهم منها شيئاً، وليس لها ميزة إلا هذه المقدرة العجيبة من كاتبها وهذه العبقرية النادرة التي استطاع بها أن يكتب عشر صفحات كلاماً، لكل فقرة منه معنى وليس له في مجموعه دلالة على الغرض ولا صلة بالموضوع! أما القانون فليس فيه شيء عملي إلا إدخال الفقه الشيعي إلى الأزهر".
إلى أن قال: "قلت: لندع رواة الحديث ولنأخذ أول من نقله عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم الصحابة، فماذا تقولون في الصحابة؟ فتملّص من الجواب، فلما أحرجته صرّح بأن الشيعة يطعنون بأكثر الصحابة=

<<  <   >  >>