للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام، مشغوف بلغة العرب لأنها لغة قرآنه ولسان نبيّه، واللغة التي بها يخاطب ربه في صلاته ويدعوه في مناجاته، محبّ لأرض العرب لأنها منها انبثق النور وفيها نزل الوحي، وعليها عاش النبي صلوات الله عليه وفيها دُفن، وإليها الحج من أقطار الأرض، فأي مسلم لا يُؤْثر عرفات على بلده، ويفضّل حجرة النبي التي يقوم فيها قبره الشريف على داره وغرفته؟

فأنت ترى بأن الإسلام دعوة عربية، وتعلم أنه صبغ الدنيا المفتوحة بالصبغة العربية في أقل من نصف قرن. فليس بين القومية -بهذا المعنى- وبين الإسلام فرق ولا خلاف، بل إن الدعوة إليها لا تنجح كما نجحت من قبل إلا إن جاءت باسم الإسلام.

وإذا كانت القومية هي السعي للوحدة العربية وإنشاء الدولة العربية القوية، فنحن قوميون عاملون على القومية مجاهدون في سبيلها. ومن يأبى الوحدة ويُؤْثر الانقسام، ويرضى بهذه الحال المضحكة المبكية؟

إن الداعين إلى الوحدة الإسلامية يعلمون أن الجهود يجب أن تُصرَف أولاً إلى توحيد العرب، وهم أعقل بحمد الله من أن يطلبوا وصل بغداد بحيدر أباد قبل أن تتصل بغداد بدمشق! والإسلام -يومَ بدا نورُه- بدأ بالعرب فوحّد بينهم، وجمع شملهم، وألَّف بين قلوبهم، فلما أصبحوا بنعمة الله إخواناً خرج بهم من جزيرتهم ففتح بهم الدنيا، وثَلَّ بهم عروش الطغاة، وأعطاهم مقاليد الأمر والنهي فحكموا بالإسلام المشرق والمغرب، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

<<  <   >  >>