فالتاريخ العربي (أو الإسلامي)، وهو الدعامة الثانية من دعائم القومية، نحن علماؤه ونحن لا نزال المرجع فيه.
والدعامة الثالثة هي العادات العربية، من الكرم والشجاعة والغيرة على الأعراض وصدق المواعيد وحفظ الجوار، وأمثال ذلك، وهذه كلها نحن أربابها ونحن المتَّصفون بها، لأن ديننا يأمرنا بها ولأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم إنما بُعث ليُتمّم مكارم الأخلاق.
فنحن إذن لا نهدم دعائم القومية الثلاث: اللغة والتاريخ والعادات، بل نحن نبنيها ونحميها، ولا نعارض الداعين إلى بنائها وحفظها. إنما نعارض الذين يريدون أن يجعلوا من القومية ديناً يستبدلونه بدين الإسلام، وأن يجعلوا من أخوّة العروبة بديلاً من أخوّة الإيمان، وأن يفرقوا الأمة الواحدة، أمة محمد، فيجعلوها أمماً ويقطّعوا روابط الأخوّة بينها، وأن يعيدوا لنا عهد الجاهلية وعصبيتها بعد أن بعث الله فينا نبياً وأنزل فينا كتاباً، وأنار لنا الطريق الذي كان مظلماً، فرآه أجدادنا فسلكوه فأوصلهم إلى مجد الدنيا ونعيم الآخرة.
هذا الذي ننكره أشد الإنكار ونأباه أشد الإباء، أما الحفاظ على لغة العرب وتاريخ العرب وسلائق العرب، فهذه كلها نحن أحق بها ونحن أهلها.
* * *
وعجبي والله ممّن يعتزي إلى العربية ويعتز بها: كيف لا يتمسك بالإسلام ويعض عليه بالنواجذ، ويراه له أول المفاخر