للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا عُقدت الخناصر؟ وعجبي ممّن يدعو بدعوة الإسلام، ثم يرى كأن من شرط صحة الدعوة أن يسب العرب ويذم العربية، وكأن العربية والإسلام ضدان لا يجتمعان ولا يوجد أحدهما إلا بفَقد الآخر!

مع أن الله، والله أعلم حيث يضع رسالته، اختار لخاتمة الرسالات رجلاً من العرب، وأنزل عليه الكتاب بلسان العرب، وجعل حمل الرسالة ونشرها للعرب؛ هم الذين تلقوها وهم الذين نقلوها، وهم الذين جعلوا بذورها في الأرض جماجم شهدائهم وماءها الذي سُقِيَت به دماء أبطالهم، فأنبتت هذه البذور حضارة خيّرة ماجدة تفيّأ أهلُ الأرض كلهم ظلالَها وطعموا من ثمراتها.

ولكن الإسلام لم يكن بالعرب، بل العرب كانوا بالإسلام؛ الإسلام هو الذي جاء إلى هذا المعدن الخام الكامن في نفوسهم، الذي لا يدري به الناس ولا يدرون به هم أنفسهم، فاستخرجه وصفّاه وصنع منه هذه الروائع التي عَزَّت عن الشبيه واستعصت على التقليد. لقد وُلد العرب في التاريخ يوم ولد محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لم يصدّق فليتصور كيف يكون تاريخ العرب لولا محمد صلى الله عليه وسلم؟

وماذا كان يبقى لهم لولا الحضارة التي أقامها أتباع محمد من العرب؟ إنه لن يبقى لهم إلا السقاية والرفادة والمعلَّقات السبع، وقصر غمدان في اليمن والخورنق في الحيرة ... وهذا كل شيء!

أما حضارة دمشق وبغداد والقاهرة فهذه كلها إنما صنعها الإسلام، وهؤلاء القوّاد الأمجاد الذين ربحوا للعرب عشرة آلاف معركة، الذي أخرجهم وحقق لهم هذه الانتصارات هو الإسلام.

<<  <   >  >>