وهؤلاء العلماء وهؤلاء الفلاسفة الذين كانوا أساتذة الدنيا، وكانت كتبهم هي الغذاء العقلي لأدمغة طلاب أوربا في جامعاتها إلى ما قبل أربعة قرون فقط ... هذا كله أثر من آثار الإسلام.
إن العرب مَدينون بوجودهم الحضاري وبمنزلتهم في التاريخ للإسلام.
فالعربية والإسلام أخَوان لا ضدان ولا نقيضان. إن بينهما ما يسمى عند أهل المنطق «عموماً وخصوصاً من وجه»؛ إنهما دائرتان متداخلتان، دائرة صغيرة هي العربية وكبيرة هي الإسلام، يكون منهما ثلاثة أقسام: عربي مسلم، وهذا ليس فيه كلام، فنحن عرب ونحن مسلمون، ونحن نعتز بقرآننا العربي ونعتز بعربيتنا المسلمة. ومسلم غير عربي، وهو أخونا، نحن منه وهو منا، دينه ديننا وكتابه كتابنا وقبلته قبلتنا، لا فرق بينه وبيننا ولا فضل لنا عليه ولا له علينا.
وفيهما عربي غير مسلم. إن كان في ذمتنا وكان ساكناً معنا كان له ما لنا وعليه ما علينا، ولكن لا نقدمه على ذاك الذي هو أخونا، ولا نجعل رابطة الدم واللسان كرابطة الدين، ولا نجعل من يشرك بالله أو يجعل له ولداً أو يجحد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم كمن يقول معنا «لا إله إلا الله، محمد رسول الله».
هذا هو ديننا، لا نستطيع أن نكتم حقائقه أو نبدل أركانه، بل نعلنه على رؤوس الأشهاد ومن ذُرَى المآذن، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.