أنا أسأل نفسي، أنا الذي يعظ مع الواعظين ويحدّث مع المتحدثين، والمفروض فيّ أن أكون عاملاً بما أقول؛ أسأل نفسي: هل أنا في حياتي كلها أطبق أحكام الإسلام وأمشي على طريقه تماماً وأحكّمه في أموري كلها؟ والجواب (مع الخجل ومع الأسف): لا. وليس معنى هذا الجواب أنني أرتكب الكبائر وأقطع السابلة وأشهد الزور وأعمل الفحشاء، بل معناه أن أسلوب حياتي، وأساليب حيواتكم، ووضع المجتمعات الإسلامية اليوم، ليس الأسلوب الذي حدده الإسلام تماماً ولا الوضع الذي يرتضيه. إن الطابع العام لحياتنا هو طابع الإفرنج وغير المسلمين، لا طابع السلف الصالح.
تقولون: أتريد أن نركب الجمل بدلاً من الطيارة، ونوقد السراج عوضاً عن الكهرباء لنعيش مثل حياة السلف؟ لا، لا أريد هذا ولا الإسلام يريده. الإسلام يجعل الحكمة ضالّة المؤمن، ويأمرنا أن نأخذ النافع المفيد، وأن نكون أعلم الأمم وأقوى الأمم.
ما هذا الذي أريد، ولكن أريد أن أسأل عن الدين، عن الخلق، عن المعاملة: هل نحن فيها أقرب إلى السلف الصالح أم إلى غير المسلمين؟ هل نهتم بالدين مثلما نهتم بالصحة أو بالمال؟ هل نتبع العادات الموروثة والمستورَدة ونتمسك بها، أم نَزِنها بميزان الإسلام ونقيسها بمقاييسه؟ هل نربّي أولادنا على ما يريد الشرع أو ما يطلبه المجتمع العصري؟