للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموضوع من ذلك أن المأمون قال لبعضهم: من أبلغ الناس؟ فقال: من قرب الأمر البعيد المتناول، والصعب الدرك بالألفاظ اليسيرة.

قال: ما عدل سهمك عن الغرض، ولكن البليغ من كان كلامه فى مقدار حاجته، ولا يجيل الفكرة فى اختلاس ما صعب عليه من الألفاظ، ولا يكره المعانى على إنزالها فى غير منازلها، ولا يتعمد الغريب الوحشى، ولا الساقط السوقى، فان البلاغة إذا اعتزلتها المعرفة بمواضع الفصل والوصل كانت كاللآلى بلا نظام. (١)

وبحث أبو هلال فى هذا الفصل، ما يتصل بفصول القصيدة ومقاطعها، وهم يعنون بالفصول والمقاطع أواخر الأبيات التى تقابل مطالعها وابتداءاتها وتطرق إلى فواصل كتاب الله. وقال إنّ من حسن المقطع جودة الفاصلة وحسن موقعها وتمكنها فى موضعها، وذلك على ثلاثة أضرب:

الأول: أن يضيق على الشاعر موضع القافية فيأتى بلفظ قليل الحروف فيتمم به البيت كقول زهير:

وأعلم ما فى اليوم والأمس قبله ... ولكنّنى عن علم ما فى غد عمى

وقول النابغة الذبيانى:

كالأقحوان غداة غبّ سمائه ... جفت أعاليه وأسفله ندى (٢)

وقوله:

لا مرحبا بغد ولا أهلا به ... إن كان تفريق الأحبة فى غد

أفد الترحّل غير أنّ ركابنا ... لما تزل برحالنا وكأن قد


(١) كتاب الصناعتين ص ٤٣٨.
(٢) غب سمائه: المطر ..

<<  <   >  >>