للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثانى: أن يضيق به المكان أيضا ويعجز عن إيراد كلمة سالمة تحتاج إلى إعراب ليتم بها البيت، فيأتى بكلمة معتلة لا تحتاج إلى الإعراب فيتممه به، مثل قول زهير:

صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو ... وأقفر من سلمى التعانيق فالثقل (١)

ثم قال:

وقد كنت من سلمى سنينا ثمانيا ... على صير أمر ما يمر وما يحلو (٢)

الثالث: أن تكون الفاصلة لائقة بما تقدمها من ألفاظ الجزء من الرسالة أو البيت من الشعر، وتكون مستقرة فى قرارها ومتمكنة فى موضعها حتى لا يسد مسدها غيرها وإن لم تكن قصيرة قليلة الحروف كقوله تعالى: «وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى. وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا. وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى» (٣) وقوله: «وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى. وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى» (٤). ف «أبكى» مع «أضحك» و «أحيا» مع «أمات» و «الأنثى» مع «الذكر» و «الأولى» مع «الآخرة» و «الرضا» مع «العطية» فى نهاية الجودة وغاية حسن الموقع.

ومن الشعر قول الحطيئة:

هم القوم الذين إذا ألمّت ... من الأيام مظلمة أضاءوا

وقول أبى نواس:

إذا امتحن الدنيا لبيب تكشّفت ... له عن عدو فى ثياب صديق

و «الصديق» هنا جيد الموقع، لأن معنى البيت يقتضيه، وهو محتاج إليه.


(١) التعانيق والثقل: واديان.
(٢) صير أمر: منتهاه.
(٣) النجم ٤٣ - ٤٥.
(٤) الضحى ٤ - ٥.

<<  <   >  >>