ودراسة أبى هلال وغيره من البلاغيين والنقاد لهذا الموضوع تختلف عن دراسة البلاغيين المتأخرين، ولذلك لا نجد فى دراساتهم ما تطرق إليه أبو هلال ولعل عبد القاهر الجرجانى كان من أوائل الذين بحثوه بحثا مفصلا يقوم
على التقسيم والتحديد والتعليل والتحليل وربطه بباب العطف عندما ربط البلاغة بمعانى النحو وجعل النظم توخّيا له. وقد أجمل مواضع الفصل والوصل بقوله: «إنّ الجمل على ثلاثة أضرب:
- جملة حالها مع التى قبلها حال الصفة مع الموصوف والتأكيد مع المؤكد فلا يكون فيها العطف ألبتة لشبه العطف فيها- لو عطفت- بعطف الشئ على نفسه.
- وجملة حالها مع التى قبلها حال الاسم يكون غير الذى قبله إلّا أنه يشاركه فى حكم ويدخل معه فى معنى مثل أن يكون كلا الاسمين فاعلا أو مفعولا أو مضافا إليه فيكون حقها العطف.
- وجملة ليست فى شئ من الحالين، بل سبيلها مع التى قبلها سبيل الاسم مع الاسم لا يكون منه فى شئ فلا يكون إياه ولا مشاركا له فى معنى بل هو شئ إن ذكر لم يذكر إلّا بأمر ينفرد به ويكون ذكر الذى قبله وترك الذكر سواء فى حاله لعدم التعلق بينه وبينه رأسا، وحق هذا ترك العطف ألبتة.
فترك العطف يكون إمّا للاتصال إلى الغاية، أو الانفصال إلى الغاية، والعطف لما هو واسطة بين الأمرين، وكان له حال بين حالين، فاعرفه (١)»
وعلى هذا الأساس وضع عبد القاهر أصول بحث الفصل والوصل، وقوانينه، وذكر الأمثلة الكثيرة. وجاء علماء البلاغة فاختصروا بحوثه وبوبوها، وكان تحديدهم أدق ضبطا وقواعدهم أكثر تقييدا. وكان السكاكى من أشهر الذين اتبعوه ولكنه لم يوضح الموضوع ولم يبحثه بحثا جيدا،