للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- أو عن غير هذين النوعين، كقوله تعالى: «قالُوا: سَلاماً، قالَ: سَلامٌ» (١)، كأنه قيل: فماذا قال إبراهيم عليه السلام؟ فقيل: قال سلام.

ومنه قول الشاعر:

زعم العواذل أنّنى فى غمرة ... صدقوا، ولكن غمرتى لا تنجلى (٢)

لما حكى عن العواذل أنّهم قالوا: هو فى غمرة، وكان ذلك مما يحرك السامع لأن يسأله فيقول: فما قولك فى ذلك وما جوابك عنه؟ أخرج الكلام مخرجه إذا كان ذلك قد قيل له وصار كأنه قال: أقول صدقوا أنا كما قالوا ولكن لا مطمع لهم فى فلاحى، ولو قال: «زعم العواذل أنّنى فى غمرة وصدقوا» لكان يكون لم يصح فى نفسه أنّه مسؤول وأن كلامه كلام مجيب (٣).

ومنه قول الوليد بن يزيد:

عرّفت المنزل الخالى ... عفا من بعد أحوال

عفاه كلّ حنّان ... عسوف الويل هطّال (٤)

فانه لما قال: «عفا» وكان العفاء مما لا يحصل للمنزل بنفسه كان مظنة أن يسأل عن الفاعل.

ومثله قول المتنبى:

وما عفت الرياح له محلّا ... عفاه من حدا بهم وساقا

فانه لما نفى الفعل الموجود عن الرياح، كان مظنة أن يسأل عن الفاعل.


(١) هود ٦٩.
(٢) الغمرة: الشدة.
(٣) ينظر دلائل الإعجاز ص ١٨٢.
(٤) عفاه: محاه. حنان: مصوت، والمقصود الرعد المصاحب للمطر.
عسوف: شديد. الوبل: المطر الشديد.

<<  <   >  >>