للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يحذف صدر الاستئناف لقيام قرينة، كقوله تعالى: «يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ. رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ» (١) فيمن قرأ «يسبّح» مبنيا للمفعول- للمجهول- كأنه قيل: من يسبحه؟

فقيل: رجال.

وقد يحذف الاستئناف كله ويقام ما يدل عليه مقامه، كقول الشاعر:

زعمتم أنّ إخوتكم قريش ... لهم إلف وليس لكم إلاف (٢)

حذف الجواب الذى هو: كذبتم فى زعمكم، وأقام مقامه «لهم إلف وليس لكم إلاف» مقامه لدلالته عليه. ويجوز أن

يقدر قوله: «لهم إلف ...» جوابا لسؤال اقتضاه الجواب المحذوف كأنه لما قال المتكلم: «كذبتم» قالوا:

«لم كذبنا؟» فقال: «لهم إلف وليس لكم إلاف» فيكون فى البيت استئنافان.

وقد يحذف ولا يقام شئ مقامه، كقوله تعالى: «نِعْمَ الْعَبْدُ» (٣) أى: أيوب، أو هو لدلالة ما قبل الآية وما بعدها عليه (٤).

الرابع: أن يكون بين الجملتين «شبه كمال الانقطاع»، وذلك بأن تكون الجملة الثانية بمنزلة المنقطعة عن الأولى وينبغى هنا الفصل لأنّ عطفها عليها يوهم لعطفها على غيره، ويسمى هذا الفصل «قطعا». ومنه قول الشاعر:

وتظنّ سلمى أنّنى أبغى بها ... بدلا، أراها فى الضلال تهيم

لم يعطف «أراها» على «تظن» لئلا يتوهم السامع أنّه معطوف على «أبغى» لقربه منه، مع أنّه ليس بمراد، ويحتمل الاستئناف.


(١) النور ٣٦ - ٣٧.
(٢) الإلف والإيلاف: العهد.
(٣) ص ٤٤.
(٤) تبدأ الآية بقوله تعالى: «وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ ...».

<<  <   >  >>