للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويكون ذلك لأغراض:

أحدها: أن يكون غرض المتكلم بيان حال الفعل والفاعل فقط كقوله تعالى: «وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ: ما خَطْبُكُما؟ قالَتا: لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ. فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ: رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» (١). وقد حذف المفعول به من أربعة مواضع لأنّ الغرض الحديث عن موسى لا عن كون المسقى غنما، أو إبلا، أو غير ذلك.

وثانيها: أن يكون غرض المتكلم ذكره ولكنه يحذفه ليوهم أنّه لم يقصده كقول البحترى:

شجو حسّاده وغيظ عداه ... أن يرى مبصر ويسمع واع

والمعنى: أن يرى مبصر محاسنه، ويسمع واع أخباره، ولكنه تغاضى عن ذلك.

وثالثها: أن يحذف المفعول لأنّه معلوم، ويأتى هذا بعد فعل المشيئة كقوله تعالى: «وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ» (٢)، وقوله: «وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ» (٣)، أى: لو شاء الله أن يذهب بسمعهم وأبصارهم لذهب بها.

ومما جاء على مثال ذلك شعرا قول البحترى:

لو شئت لم تفسد سماحة حاتم ... كرما ولم تهدم مآثر خالد


(١) القصص ٢٣ - ٢٤.
(٢) النحل ٩.
(٣) البقرة ٢٠.

<<  <   >  >>