للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يتركا أحدا من أهلها إلّا استطعماه وأبى، ومع ذلك قابلهم بأحسن الجزاء، وفيه التنبيه على محاسن الأخلاق ودفع السيئة بالحسنة.

ومنه قوله تعالى: «وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ» (١) فإنه لو قيل: «إنّها لأمارة» لاقتضى تخصيص ذلك فأتى بالظاهر ليدل على أنّ المراد التعميم مع أنه برئ من ذلك بقوله بعده «إلا ما رحم ربى» وقوله «إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ

رَحِيمٌ».

ولم يقل «إنّه» إما للتعظيم وإما للاستلذاذ.

الثانى عشر: قصد الخصوص، كقوله تعالى: «وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ» (٢) ولم يقل «لك» لأنه لو أتى بالضمير لأخذ جوازه لغيره كما فى قوله تعالى: «وَبَناتِ عَمِّكَ» فعدل عنه إلى الظاهر للتنبيه على الخصوصية وإنه ليس لغيره ذلك.

الثالث عشر: مراعاة التجنيس كقوله تعالى: «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. مَلِكِ النَّاسِ. إِلهِ النَّاسِ. مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ. مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ» (٣).

الرابع عشر: أن يتحمل ضميرا لا بدّ منه، كقوله تعالى: «أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها» (٤).

الخامس عشر: كونه أهم من الضمير، كقوله تعالى: «أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى» (٥) وقال بعضهم إن أعيدت «إحداهما» لتعادل الكلم وتوازن الألفاظ فى التركيب، وهو المعنى فى الترصيع البديعى بل هذا أبلغ من الترصيع فان الترصيع توازن الألفاظ من حيث صيغها وهذا من حيث تركيبها فكأنه ترصيع معنوى. والآية متضمنة لقسمين: قسم


(١) يوسف ٥٣.
(٢) الأحزاب ٥٠.
(٣) سورة الناس-.
(٤) الكهف ٧٧.
(٥) البقرة ٢٨٢.

<<  <   >  >>