للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- قصد الاهتمام: كقوله تعالى: «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ. فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها، وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً، ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» (١). فعدل عن الغيبة فى «قضاهن» و «أوحى» إلى التكلم فى «وزينا السماء الدنيا» للاهتمام بالإخبار عن نفسه، فانه تعالى جعل الكواكب فى سماء الدنيا للزينة والحفظ، وذلك لأنّ طائفة اعتقدت فى النجوم أنّها ليست فى سماء الدنيا وأنها ليست حفظا ولا رجوما فعدل إلى التكلم والإخبار عن ذلك لكونه مهما من مهمات الاعتقاد ولتكذيب الفرقة المعتقدة بطلانه.

- قصد التوبيخ: كقوله تعالى: «وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا» (٢). عدل عن الغيبة إلى الخطاب للدلالة على أنّ قائل مثل قولهم ينبغى أن يكون موبخا ومنكرا عليه، ولما أراد توبيخهم على هذا أخبر عنه بالحضور فقال: «لقد جئتم»، لأنّ توبيخ الحاضر أبلغ فى الإهانة له.

وللالتفات أقسام كثيرة ذكرها البلاغيون والذين اهتموا بعلوم القرآن، ويمكن تلخيصها فيما يأتى:

- الالتفات من التكلم إلى الخطاب:

ووجهه حثّ السامع وبعثه على الاستماع حيث أقبل المتكلم عليه، وأنّه أعطاه فضل عناية وتخصيص بالمواجهة، كقوله تعالى: «وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» (٣). الأصل: «وإليه أرجع» فالتفت من التكلم إلى الخطاب. وفائدته أنّه أخرج الكلام فى معرض مناصحته لنفسه وهو يريد نصح قومه تلطفا وإعلاما أنه يريد لهم ما يريده لنفسه ثم التفت إليهم لكونه


(١) فصلت ١١ - ١٢.
(٢) مريم ٨٨ - ٨٩.
(٣) يس ٢٢.

<<  <   >  >>