للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لنفسه، وهو يريد مناصحتهم ليتلطف بهم ويريهم أنّه لا يريد لهم إلّا ما يريد لنفسه ثم انقضى غرضه من ذلك قال: «وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» ليدل على ما كان من أصل الكلام ومقتضيا له، ثم ساقه هذا المساق إلى أن قال: «إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ» (١).

- أن يكون الغرض به التتميم لمعنى مقصود للمتكلم فيأتى به محافظة على تتميم ما قصد إليه من المعنى المطلوب، كقوله تعالى: «فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ. أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ. رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» (٢).

أصل الكلام «إنا كنا مرسلين رحمة منا» ولكنه وضع الظاهر موضع المضمر للانذار بأنّ الربوبية تقتضى الرحمة للمربوبين للقدرة عليهم، أو لتخصيص النبى- صلى الله عليه وسلم- بالذكر أو الإشارة إلى أن الكتاب إنما هو إليه دون غيره، ثم التفت باعادة الضمير إلى الرب الموضوع موضع المضمر للمعنى المقصود من تتميم المعنى.

- قصد المبالغة: كقوله تعالى «حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ» (٣) كأنه يذكر لغيرهم حالهم ليتعجب منها ويستدعى منه الإنكار والتقبيح لها، إشارة منه إلى سبيل المبالغة إلى أن ما يعتمدونه بعد الإنجاء من البغى فى الأرض بغير الحق مما ينكر ويقبح.

- قصد الدلالة على الاختصاص: كقوله تعالى: «وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ» (٤)، فانه لما كان سوق السحاب إلى البلد الميت وإحياء الأرض بعد موتها بالمطر دالا على القدرة الباهرة التى لا يقدر عليها غيره، عدل عن لفظ الغيبة إلى التكلم لأنه أدخل فى الاختصاص وأدل عليه «سقنا» و «أحيينا».


(١) يس ٢٥.
(٢) الدخان ٤ - ٦.
(٣) يونس ٢٢.
(٤) فاطر ٩.

<<  <   >  >>