للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا العيس لاقت بى أبا دلف فقد ... تقطّع ما بينى وبين النوائب (١)

هنالك تلقى الجود من حيث قطّعت ... تمائمه والمجد مرخى الذوائب (٢)

فقد قال «يصرّف مسراها» مخاطبة الغائب ثم قال بعد ذلك «إذا العيس لاقت بى» مخاطبا نفسه ومبشرا لها بالبعد

عن المكروه والقرب من المحبوب، ثم جاء بالبيت الذى يليه معدولا به عن خطاب غيره وهو خطاب لحاضر، ثم قال «هنالك تلقى الجود».

- الالتفات من الفعل المستقبل إلى فعل الأمر:

ومنه قوله تعالى: «قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ* إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ «إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ» (٣)، فانه إنما قال «شهد الله» و «اشهدوا» ولم يقل «وأشهدكم» ليكون موازنا له وبمعناه لأنّ شهادة الله على البراءة من الشرك صحيح ثابت، وأما إشهادهم فما هو إلّا تهاون بهم ودلالة على قلة المبالاة بأمرهم ولذلك عدل به عن لفظ الأول لاختلاف ما بينهما وجئ به على لفظ الأمر.

- الالتفات من الفعل الماضى إلى فعل الأمر:

ومنه قوله تعالى: «قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» (٤)، وقد عدل إلى الأمر للعناية بتوكيده فى نفوسهم.


(١) العيس: الإبل البيض. النوائب: المصائب.
(٢) التمائم: جمع تميمة وهى ما يعلق على الصبى ليحفظه. الذوائب:
خصل الشعر.
(٣) هود ٥٣ - ٥٤.
(٤) الأعراف ٢٩.

<<  <   >  >>