للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- الالتفات من الفعل الماضى إلى المستقبل:

ومنه قوله تعالى: «وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ» (١). ف «تثير» للمستقبل وما قبله وما بعده ماض وإنما جئ بها كذلك حكاية للحال التى يقع فيها إثارة الريح السحاب واستحضار تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة.

وعلى هذا ورد قول تأبط شرا:

بأنّى قد لقيت الغول تهوى ... بسهب كالصّحيفة صحصحان (٢)

فأضربها بلا دهش فخرّت ... صريعا لليدين وللجران (٣)

فانه قصد أن يصور لقومه الحال التى تشجع فيها على ضرب الغول كأنهم يبصرهم إياها مشاهدة للتعجب من جرأته، ولو قال «فضربتها» لزالت هذه الفائدة.

- الالتفات من المستقبل إلى الماضى:

ومنه قوله تعالى: «وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ» (٤)، فانه إنما قال «ففزع» بلفظ الماضى بعد قوله «ينفخ» وهو مستقبل للإشعار بتحقيق الفزع وأنه كائن لا محالة لأن الفعل يدل على وجود الفعل وكونه مقطوعا به.


(١) فاطر ٩.
(٢) السهب: الأرض المستوية وجمعه سهوب. الصحصحان: الأرض الواسعة المستوية.
(٣) الجران من البعير: مقدم عنقه، ويقال: ألقى البعير جرانه: أى برك، وألقى فلان على هذا الأمر جرانه: أى وطن نفسه عليه.
(٤) النمل ٨٧.

<<  <   >  >>