للدراسة الأدبية وللتعبير الأدبى ومطابقته مقتضيات أحوال المخاطبين والجمهور» (١).
وهذا ما آمنا به بعد دراسة طويلة للبلاغة ومصطلحاتها، وبذلك يبقى هذا المصطلح محتفظا بمعناه البلاغى القديم ومحتواه الأدبى الجديد، جامعا كثيرا من المباحث التى لا يمكن أن تضمها المصطلحات الجديدة كالفصاحة أو دراسة الألفاظ وعلم المعانى وعلم البيان وعلم البديع، وهى من أقدم الفنون التى عنى بها البلاغيون وأولوها أهمية عظيمة، وكانت دراساتهم المفصلة ونظراتهم العميقة دليلا على تلك العناية. أما التعبير الأدبى والملكة على إنشائه أو نقده فقد عبر عنها القزوينى تعبيرا دقيقا حينما قال:«وأما بلاغة الكلام فهى مطابقته لمقتضى الحال مع
فصاحته» ... «وأما بلاغة المتكلم فهى ملكة يقتدر بها على تأليف كلام بليغ»، وفى هاتين العبارتين إشارة إلى الملكة الأدبية والتعبير الأدبى. ويضاف إلى ذلك أنّ مصطلح أسلوب لا يشمل البلاغة كلها بل يخص بعضها أو يكون أشد ارتباطا بقسم من موضوعاتها وهى «علم المعانى» ولذلك سمينا هذا الكتاب «أساليب بلاغية» وسمينا ما يبحث فى علمى البيان والبديع «فنون بلاغية»، وهى تسمية ليست أخيرة ولكنها أقرب إلى روح البلاغة العربية التى تضم الأساليب والفنون وغيرها.
وأما الذوق فقد كان من القضايا التى اهتم بها البلاغيون وأقاموا عليها أحكامهم، ولا يخلو كتاب بلاغى أو نقدى من الرجوع إليه أو التحدث عنه وعقد فصول ضافية عنه، ومن ذلك الفصل الرائع الذى ختم به عبد القاهر الجرجانى كتابه «دلائل الاعجاز» وقرر أنّ العمدة فى إدراك البلاغة هو الذوق والإحساس الروحانى، وأنه لا بد من تهذيبه بالوقوف على مواطن الجمال فى الأدب، ولن يفهم الأدب ويهتز له من عدم الذوق وفقد الإحساس والشعور مهما أوتى من علم بالبلاغة وقواعدها، ومهما كدّ ذهنه وأجهد عقله. يقول