وينظر فى الحروف التى تشترك فى معنى ثم ينفرد كل واحد منها بخصوصية فى ذلك المعنى، فيضع كلّا من ذلك فى خاصّ معناه نحو أن يجئ ب «ما» فى نفى الحال، وب «لا» إذا أراد نفى الاستقبال، وب «إن» فيما يترجح بين أن يكون وأن لا يكون، وب «إذا» فيما علم أنّه كائن.
وينظر فى الجمل التى ترد فيعرف موضع الفصل فيها من موضع الوصل ثم يعرف فيما حقه الوصل موضع الواو من موضع الفاء، وموضع الفاء من موضع «ثم»، وموضع «أو» من موضع «أم»، وموضع «لكن» من موضع «بل».
ويتصرف فى التعريف والتنكير، والتقديم والتأخير فى الكلام كله، وفى الحذف والتكرار والإضمار والإظهار، فيضع كلا من ذلك مكانه ويستعمله على الصحة وعلى ما ينبغى له.
هذا هو السبيل، فلست بواجد شيئا يرجع صوابه إن كان صوابا وخطؤه إن كان خطأ إلى النظم ويدخل تحت هذا الاسم، إلّا وهو معنى من معانى النحو قد أصيب به موضعه ووضع فى حقه أو عومل بخلاف هذه المعاملة فأزيل عن موضعه واستعمل فى غير ما ينبغى له. فلا ترى كلاما قد وصف بصحة نظم أو فساده أو وصف بمزية وفضل فيه إلّا وأنت تجد مرجع تلك الصحة وذلك الفساد وتلك المزية وذلك الفضل إلى معانى النحو وأحكامه، ووجدته يدخل فى أصل من أصوله ويتصل بباب من أبوابه» (١).
فمعانى النحو أو النّظم تشمل: الخبر، وأركان الجملة وما يتعلق بالمسند والمسند إليه من شرط وحال، وتشمل الفصل والوصل ومعرفة مواضعهما ومعانى الواو والفاء وثم وبل ولكن، وتشمل التعريف والتنكير، والتقديم والتأخير، والحذف والتكرار، والإضمار والإظهار.
والفرق بين هذه الأساليب ليس فرقا فى الحركات وما يطرأ على الكلمات، وإنّما فى معانى العبارات التى يحدثها ذلك الوضع والنظم الدقيق،