للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذا قوله: [من المنسرح]

وذات هدم عار نواشرها ... تصمت بالماء تولبا جدعا (١)

فأجرى «التولب» على ولد المرأة، وهو لولد الحمار في الأصل، وذلك لأنه يصف حال ضرّ وبؤس، ويذكر امرأة بائسة فقيرة، والعادة في مثل ذلك الصفة بأوصاف البهائم، ليكون أبلغ في سوء الحال وشدّة الاختلال.

ومثله سواء قول الآخر: [من مجزوء الكامل]

وذكرت أهلي بالعرا ... ء وحاجة الشعث التّوالب (٢)

كأنه قال: «الشعث التي لو رأيتها حسبتها توالب»، لما بها من الغبرة وبذاذة الهيئة (٣). و «الجدع» في البيت بالدال غير معجمة. حكى شيخنا رحمه الله قال:

أنشد المفضّل «تصمت بالماء تولبا جذعا» بالذال المعجمة، فأنكره الأصمعي وقال:

إنما هو «تصمت بالماء تولبا جدعا» وهو السيّئ الغذاء. قال: فجعل المفضّل يصيح، فقال الأصمعي: لو نفخت في الشّبّور (٤) ما نفعك، تكلّم بكلام الحكل (٥) وأصب!.


(١) البيت لأوس بن حجر في مرثية فضالة بن كلدة الأسدي وهو معطوف على الذي قبله:
ليبكك الشرب والمدامة ... والفتيان طرّا وطامع طمعا
والهدم بالكسر: الثوب الخلق المرقّع، وقيل: هو الكساء الذي ضوعفت رقاعه، وخصّ ابن الأعرابي به الكساء البالي من الصوف دون الثوب، والجمع: أهدام وهدم (الأخيرة عن أبي حنيفة وهي نادرة). [لسان العرب- مادة: هدم]. والنواشر: عصب الذراع من داخل وخارج أو عروق وعصب باطن الذراع أو العصب في ظاهرها، واحدتها ناشرة. [القاموس المحيط]. الجدع: جدع الغلام يجدع جدعا، فهو جدع: ساء غذاؤه. [لسان العرب- مادة: جدع].
(٢) البيت للأعلم الهذلي في شرح أشعار الهذليين. والعراء: ما اتسع من فضاء الأرض، وقال ابن سيدة: هو المكان الفضاء لا يستتر فيه شيء، وقيل: هي الأرض الواسعة، وفي التنزيل: «فنبذناه بالعراء وهو مليم» وجمعه أعراء، وقال أبو عبيدة: إنما قيل له: عراء لأنه لا شجر
فيه ولا شيء يغطيه، وقيل: إن العراء وجه الأرض الخالي. [لسان العرب- مادة: عرا].
(٣) بذاذة الهيئة: رثاثتها، وفي الحديث: «البذاذة من الإيمان» صحيح الجامع للألباني.
(٤) الشّبّور: شيء ينفخ فيه، وليس بعربي صحيح، والشّبّور على وزن تنور: البوق، ويقال: هو معرب.
وفي حديث الأذان ذكر له الشبور، قال ابن الأثير: جاء في تفسيره أنه البوق، وفسروه أيضا بالقبع، واللقطة عبرانية. [لسان العرب- مادة: شبر].
(٥) الحكل: الحكلة كالعجمة لا يبين صاحبها الكلام. والحكلة والحكيلة: اللثغة، ابن الأعرابي في لسانه حكلة أي: عجمة لا يبين الكلام، والحكل: العجم من الطيور البهائم. قال ابن سيدة:
والحكل من الحيوان ما لا يسمع له صوت كالذّرّ والنمل، وكلام الحكل: كلام لا يفهم. [لسان العرب- مادة: حكل].

<<  <   >  >>