بعض النهار لا يصح, بدليل ما لو نواه بعد الأكل, أو أراد الفطر في أثناء اليوم.
فإذا صح نيته من أثناء النهار؛ علم أن صومه تام, فيكتب له ثواب يوم تام.
وقد تنعطف النية على ما مضى؛ كالكافر إذا أسلم؛ فإنه يثاب على ما تحمله من الحسنات حال كفره, ولأنه لو كان صومه من حين النية؛ لوجب أن يجوز الأكل قبلها؛ بدليل أن وقت الفجر لما كان أول وقت الصوم الذي يثاب عليه؛ جاز له الأكل قبل طلوعه, فلما ثبت أنه لا يجوز أن يأكل ضحوة لم ينو الصوم الآكل؛ فثبت أن ما مي من النهار قبل الصوم صوم صحيح.
والمنصوص أصح, وهو اختيار أبي محمد؛ لأن الإِمساك صدر النهار كان بغير نية, وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فكيف يثاب على إمساك ما لم يقصده ولم ينوه, وكونه صام اليوم كله لا يوجب أن يثاب عليه كله, وإنما يثاب فيما ابتغي وجه الله منه, هذا إذا سلمنا انه صام أوله, وإلا؛ فالحقيقة أنه لا يوقع اسم الصوم إلا من حين النية, ونجعله قد صام بعض يوم, وما تقدم من الإِمساك يشرط بصوم بعضه, وإن سمي فيه صائماً؛ فعلى المعنى اللغوي لا على المعنى الشرعي.
أما إذا أكل؛ فقال أصحابنا: لا يصح صومه بحال.
وقال القاضي: قول النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عاشوراء: «ومن أكل فليمسك» على طريق الاستحباب, وقولهم: الإِمساك في يوم لا يجب صومه لا يكون قربة ليس بصحيح؛ لأن هذا يوم شريف فيه فضل؛ فالإِمساك فيه قربة. . .
فعلى هذا من أكل معتقداً أنه ليس بيوم شريف, ثم تبين له بخلافه؛ فإنه