يطعمون ويفطرون, فصار الصيام على الفقراء, فأنزل الله تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ. . .}؛ قال:«فوجب الصوم على الناس كلهم». رواهن أحمد.
قيل: هي منسوخة في حق الذي كان قد خُيِّر بين الأمرين, وهو القادر على الصيام؛ كما دل عليه نطق الآية, وكما بيَّنُوه, فأما من كان فرضه الطعام فقط كما دل عليه معنى الآية؛ فلم يُنسخ في حقه شيء, وعلى هذا يُحمل كلام من أطلق القول بأنها منسوخة؛ لأنه قد روي عن ابن عباس التصريح بذلك.
* فصل:
وإن قوي الشيخ أو العجوز بعد ذلك على القضاء, أو عوفي المريض الميؤوس من بُرئه, بأن زال عطاشه وزال شبقه ونحو ذلك بعد إخراج الفدية, فقال أصحابنا: لا قضاء عليه؛ كما قالوا في المعضوب إذا حج عن نفسه ثم قوي؛ لأن الاعتبار بما في اعتقاده, ولأنه لو اعتقد أنه يقدر على القضاء, ثم مات قبل القدرة عليه؛ لم يكن عليه شيء؛ فكذلك إذا اعتقد أنه لا يقدر عليه ثم قدر.
وخرَّج بعضهم وجهاً بوجوب القضاء إذا قدر عليه؛ لدخوله في عموم قوله:{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا. . .}[البقرة: ١٨٥].
ولأنها بدل إياس, وقد تبينا زوال اليأس, فأشبه من اعتدَّت بالشهور عند اليأس من الحيض ثم حاضت.
وإن عوفي قبل إخراج الفدية؛ فينبغي هنا أن يجب عليه القضاء رواية واحدة.