وكلاهما ضعيف, وهو الذي يقتضيه كلام أحمد؛ فإنه قد نص على أن الصوم يصح مع الأكل إلى طلوع الفجر, وأن النية يجب أن تكون قبل الفجر؛ كما دل عليه نص الرواية, وأقرها القاضي في آخر أمره على ظاهرها, وهو الصواب؛ لأن ليلة الصوم تابعة له, فجاز تقديم النية عليها؛ كما يجوز تقديمها على النوم, ولأن النية إذا لم تفسخ؛ فإن حكمها باق؛ وإن تقدمت على العبادة بزمن طويل؛ ما لم يفصل بينهما عبادة من جنسها.
ولهذا قال كثير من أصحابنا: إن نية الصلاة تصح من أول الوقت, بخلاف ما إذا نوى في ليلة صيام اليوم الذي يلي يومها؛ إنه قد تخلل بين وقت النية ووقت العبادة ووقت يصلح لأداء مثل تلك العبادة.
فإن قوله:«لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل»: ليس بنص, فإن مَنْ نوى من النهار واستصحب النية إلى الفجر؛ فقد أجمع الصيام من الليل؛ لأن الإِجماع أعم من أن يكون مبتدأ أو مستصحباً أو ذكراً أو حكماً.
ولهذا إنما ذكر ذلك لبيان. . . الذي تقدم النية عليه, لا لبيان تأخير النية عنه.
* فصل:
وهل يشترط أن ينوي نية الفريضة؟ على وجهين.
أحدهما: لا يشترط. قاله القاضي وأبو الخطاب وأكثر أصحابنا.
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد؛ لأنه اعتبر أن ينوي رمضان ولم يذكر نية الفريضة؛ لأن نية رمضان من المكلف تتضمن نية الفرض؛ فإن رمضان منه لا