وهذه الأحاديث كلها تقتضي أنها تكون في هذه الليالي كلها, وقد كانت في عام من الأعوام في إحدى هذه الليالي, فتكون متنقلة في الليالي العشر.
وحكى هذا عن أحمد نفسه, وهو مقتضى ما ذكره القاضي وغير من أصحابنا.
ومن أصحابنا من قال: إنها ليلة واحدة في كل سنة لا تتغير, وزعم أنه مقتضى كلام أحمد, وليس بصحيح.
وبكل حال؛ فلا نجزم لليلة بعينها أنها ليلة القدر على الإِطلاق, بل هي مبهمة في العشر؛ كما دلت عليه النصوص.
وينبني على ذلك: أنه لو نذر قيام ليلة القدر؛ لزمه, ولم يجزه في غيرها, فيلزمه قيام ليالي العشر كلها؛ كمن نذر ونسى صلاة من يوم لا يعلم عينها, ولو علق عتاقاً أو طلاقاً بليلة القدر قبل دخول العشر؛ حكم به إذا انقضى العشر, إن كان في أثناء العشر؛ حكم به في مثل تلك الليلة من العام المقبل؛ إن قيل: لا تنتقل, وإن قيل: تنتقل؛ لم يحكم به حتى ينصرم العشر من العام القابل, وهو الصواب. والله أعلم.
* فصل:
وعلامتها ما تقدم أن الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها, كأنها الطست حتى ترتفع, ذكر معنى ذلك مرفوعاً في حديث أبي وابن مسعود, وجاء عن ابن عباس أيضاً.