وأبو الخطاب وابن عقيل, حتى جعلوه أوكد من الجماع؛ لأن اللبث في المسجد من باب المأمور به, فيستوي في تركه العمد والخطأ؛ كترك أركان الصلاة وأركان الحج وواجباته؛ بخلاف الجماع؛ فإنه من المنهي عنه.
وسواء في ذلك إن نسي المسجد أو نسي أنه معتكف (. . .).
فإن أكره على الخروج؛ لم يبطل اعتكافه, سواء أكره بحق؛ مثل إحضاره مجلس الحكم, أو بباطل؛ بأن يحمل أو يكره على الخروج لمصادرة أو تسخير.
فأما إن أمكنه الامتناع بأداء ما وجب عليه أو بغير ذلك, بأن يكون عليه حق, وهو قادر على وفائه, فيمتنع حتى يخرجه الخصم إلى مجلس الحكم؛ بطل اعتكافه.
* فصل:
وإذا أبطل اعتكافاً لزمه قضاؤه؛ فهل عليه كفارة؟ على روايتين:
إحداهما: لا كفارة عليه.
قال في رواية أبي داود: إذا جامع المعتكف؛ فلا كفارة عليه؛ لأنه لا نص في وجوب الكفارة ولا إجماع ولا قياس صحيح.
لأنها إن قيست على الصيام؛ فالصوم لا تجب الكفارة بالوطء فيه إلا نهار رمضان خاصة, ولهذا تجب على من وجب عليه الإِمساك, وإن لم يكن صائماً, فكانت الكفارة لحرمة الزمان لا لحرمة جنس الصوم.
وإن قيست على الحج؛ فالحج يلزم جنسه بالشروع, ثم الكفارة الواجبة فيه ليست من جنس كفارة الحج.