للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأن الفطر جائز بغير خلاف من غير كراهة, والصوم قد كرهه جماعة من الصحابة, وأمروا بالقضاء كما تقدم, ولأن الفطر أيسر وأخف, والله يريد اليسر ولا يريد بنا العسر, ويجب أن يؤتى ما أرخصه, والمفطر يجمع له أجر الصائم وأجر القضاء كما تقدم, ولأنه رخصة من رُخَص السفر, فكان اتباعها أولى من الأخذ بالثقيل؛ كالقصر والمسح.

فإن قيل: هذا يبقى الصوم في ذمته بخلاف الذي يقصر الصلاة.

قلنا: إذا قام واتسع له وقت؛ قضاه, وإلا؛ فلا شيء عليه.

ولأن الصوم في السفر مظنة سوء الخلق والعجز عن مصالح السفر, وأن يصير الإِنسان كَلاًّ على أصحابه, ولو لم يغيره, لكن الفطر بكل حال أعون له على السفر, وسعة الخلق, وإعانة الرفقاء, وغير ذلك من المصالح التي هي أفضل من الصوم.

وبهذا يتبين أن الفطر أرفق له بكل حال, ولأن في الفطر قبولاً للرخصة, وبراءة من التعمق والغلو في الدين, وشكر الله على ما أنعم به من الرخصة.

فإن من صام؛ فهل يكره له الصوم؟

على روايتين:

إحداهما: يكره. كما نقله حنبل.

وقال في رواية الأثرم: أنا أكره أن يصوم في السفر؛ فكيف بقضاء رمضان في السفر؟ وهو اختيار الخرقي وأبي طالب وغيرهما:

لقوله: «ليس من البر الصوم في السفر» , وما ليس ببر لا يكون عبادة, فيكره أن يشغل زمانه بغير عبادة.

ولما تقدم عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم: «صام حتى بلغ كراع

<<  <  ج: ص:  >  >>