للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الذي قاله ليس بجيد؛ لأن أحمد فرَّق بين خوفها على نفسها وخوفها على ولدها, ولأنها إذا خافت على نفسها وولدها؛ لم يجب عليها الفدية في قياس قول مَنْ لا يوجبها بالخوف على النفس.

ولو أفطرت وهي حامل مريضة أو وهي حامل مسافرة؛ فإنها تفطر للمرض والسفر ولا كفارة عليها؛ لأنه قد وُجد سبب يبيح الفطر من غير كفارة.

وهذا الذي قاله أحمد يجمع قول ابن عمر وابن عباس؛ لأنه أطلق الخوف, وجعلها من الذين يطيقونه, فكأن إيجاب الفدية لأجل طاقتها في الحال لا لأجل ولدها, وابن عمر ذكر خوفها على ولدها, ولأن خوفها على نفسها بسبب الحمل؛ فإن المسألة إنما هي إذا كان كذلك, أما لو خافت من الفطر لأمرٍ آخر غير الحمل, بأن تكون مريضة؛ فإنه لا كفارة عليها ألبتة, وإذا كان بسبب الحمل؛ لم تكن مثل المريض الذي خوفه من جهة نفسه؛ فإنه إذا كان وجود الحمل يمنعها الصوم والحمل في الأصل باختيارها؛ صارت كأنها ممتنعة عن الصوم باختيارها, فناسب ذلك وجوب الفدية, وصارت من وجهٍ قادرة على دفع الحمل فلا تصوم.

ويحتمل أن أحمد قال ذلك لأنها إذا خافت على نفسها فإنه يخاف على جنينها؛ لأن الحامل إذا مرضت خيف على الجنين, وقد يخاف على جنينها من غير خوف على نفسها. . . .

فعلى هذا يكون قول من أطلق الحامل إذا خافت على جنينها صحيح كالخرقي وابن أبي موسى, وأحمد رضي الله عنه فَصَّلَ الخوف؛ لأنها تارة تخاف على جنينها فقط, وتارة تخاف على نفسها, فتخاف على جنينها.

<<  <  ج: ص:  >  >>