ثم الفرق بينهما: أن في قصة العسيف حضر زوج المرأة, وكان سائلاً عن حكمها؛ كما حضر أبو العسيف يسأل عن حكم ابنه.
ثم حكم الرجل في الزنى كان مخالفاً لحكم المرأة؛ فإن حدّها كان الرجم, وحدُّه الجلد, فلم يكن بيان أحدهما بياناً للآخر؛ بخلاف الجماع.
ثم الحدُّ حق الله, يجب استيفاؤه على الإِمام؛ بخلاف الكفارة؛ فإنها حق فيما بين العبد وبين ربه.
ورابعها: أن الرجل أقر بما يوجب الكفارة, والمرأة لم تقر بذلك, وقوله غير مقبول عليها.
وخامسها: أنه يمكن أنه ذكر حكمها فلم ينقل, ويمكن أنه صلى الله عليه وسلم أراد ذكر حكمها فشغل عنه؛ فإنه عدم محض, والعدم المحض لا دلالة فيه.
وأما قياس هذا على الظهار؛ فلا يصح, لأنها إن كانت مظاهرة منه كما هو مظاهر منها؛ وجبت الكفارة على كل منهما, وإن لم تكن هي مظاهرةً, وقلنا: إنه لا كفارة عليها بظهارها منه؛ فلأن سبب وجوب الكفارة - وهو الظهار-مختص به, كما لو حلف لا يطأها؛ فإن كفارة اليمين تجب عليه خاصة, وكما لو كان هو وحده محرماً أو صائماً؛ فإنه لا ينبغي أن تمكنه من نفسها؛ لما فيه من إعانته على المعصية, ولأن فرجها حرام عليه في هذه الحال, ثم لو مكَّنته؛ لم تجب الكفارة إلا عليه؛ لأنها هي ليست محرمة ولا صائمة.