لأنه لم يجب عليه الصوم قضاءً ولا أداءً, فلم تجب عليه الكفارة, كالمجنون والصبي. فإن قيل: فالمريض الذي لا يرجى برؤه قد أوجبتم عليه الكفارة, وهذا أسوأ أحواله أن يكون بمنزلته.
ثم الوجوب في الذمة لا يشترط فيه التمكن من الفعل كالصلاة والزكاة؛ فإذا استقر وجوب الصلاة والزكاة أيضاً في الذمة قبل التمكن؛ فكذلك الصوم أولى, وإذا استقر في ذمته؛ فلا بد من الكفارة بدلاً عن ذلك الواجب.
قلنا: المريض الميئوس منه قد عزم على الفطر في الحال والمآل, ولهذا لم يجب الصوم في ذمته, ولا يجب عليه القضاء البتًّة, ولا بد من البدل, وهو الفدية.
وأما المريض المرجو والمسافر؛ فهما عازمان على القضاء بشرط القدرة, فلا يجمع عليهما واجبان على سبيل البدل. . . .
وأما استقرار العبادات في الذمة قبل التمكن؛ فكذلك نقول في الصوم: إنه بإدراك الشهر استقر الوجوب في ذمته, لكن هذه الواجبات في الذمة قبل التمكن معناها إيجاب القضاء عند التمكن, فأما إذا لم يتمكن من القضاء؛ فإنه يموت غير آثم بلا تردد.
كما لو حاضت في أثناء الوقت وماتت قبل الطهر, أو تلف النصاب قبل التمكن من الإِخراج, وليس له ما يخرج غيره, ومات قبل اليسار, ونحو ذلك.
وذلك لأن تكليف ما [لا] يطيقه العبد الطاقة المعروفة غير واقع في