للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذا كانت القبلة تدعو إلى الإِنزال, والمضمضمة تدعو إلى الابتلاع, ولم يسمِّ النبي صلى الله عليه وسلم فاعلها مفطراً [بذلك]؛ فلأن لا يُسمى المحتجم مفطراً خشية أن يضعف فيحتاج إلى الفطر أولى.

وأما اعتقاد من اعتقد أن كراهة الحجامة إنما هي لأجل الضعف؛ فهذا لا يمنع كونها مفطرة.

وأما قول من قال: «ولم يحرمها»؛ فهو قد اعتقد ذلك, وقد أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك, والنهي يقتضي التحريم, ولم يعلم الصحابي الذي اعتقد ذلك.

وقد خالفه جمهور الصحابة.

ومن روي عنه من الصحابة الرخصة في ذلك؛ فأكثرهم قد روي عنه بخلافه, وهذا يدل على أنهم لم يكونوا سمعوا النهي في ذلك, ثم سمعوه كما جاء مفسراً في حديث ابن عمر.

ويوضح ذلك أن من قال منهم: لا يفطر؛ فقد بنى قوله على ظاهر القياس.

بخلاف من قال: إنها تفطر؛ فإنه لا يقول ذلك؛ إلا لعلم اطلع عليه وخفي على غيره.

وكل ما اختلف فيه الصحابة مما يشبه هذا؛ مثل: اختلافهم في انتقاض الوضوء بمس الذكر ونحوه؛ فإن المثبت منهم يجب أن يكون معه علم خفي على الناس؛ لأن هذا ابتداء شريعة, لا يجوز أن يثبت بالقياس؛ بخلاف النفي؛ فإنه يكفي فيه البراءة الأصلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>