للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث المرفوع يحتمل أحد شيئين:

أحدهما: أن تلك الليلة كانت مقمرة, فكان يبصر مواقع النبل لضوء [القمر] , فاعتقد أنه من ضوء النهار, وهذا يشتبه كثيراً في الليالي التي يقمر آخرها, وتقدم ذكر أحمد ونحو هذا.

قال حرب: سألته؛ قلت: رجل يأكل بعد طلوع الفجر في رمضان وهو لا يعلم؟ قال: يعيد يوماً مكانه. قلت: فالأحاديث التي رويت في هذا, وذكرت له حديث حذيفة؟ قال: إنه ليس في الحديث أن الفجر كان قد طلع.

الثاني: أن يكون هذا منسوخاً, وكان هذا في الوقت الذي كان رجال يربط أحدهم في رجليه خيطاً أبيض وخيطاً أسود, ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما, حتى نزل قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} , ويكون هذا كان الواجب عليهم كما فهموه من الآية, ثم نسخ ذلك بقوله: {مِنَ الْفَجْرِ}.

وكذلك قوله في الحديث المرسل: «لولا بلال؛ لرجونا أن يرخص لنا إلى طلوع الشمس»: دليل على أن التحديد بالفجر لم يكن مشروعاً إذْ ذاك.

وأما حديث: «فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم» , وقوله: «إذا سمع أحدكم النداء والإِناء على يده؛ فلا يضعه حتى يقضي حاجته»؛ فقد قال أحمد في الرجل يتسحر فيسمع الأذان؛ قال: يأكل حتى يطلع الفجر. فهو دليل على أنه لا يستحب إمساك جزء من الليل, وأن الغاية في قوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}: داخلة في المغيَّى؛ بخلافها في قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} , ولهذا جاءت هذه بحروف (حتى) , ولا ريب أن الغاية المحدودة بـ (حتى) تدخل فيما قبلها؛ بخلاف الغاية المحدودة بـ (إلى).

<<  <  ج: ص:  >  >>