وذلك أن صيام الدهر وهو استغراق العمر بالعبادة, وذلك عمل صالح, لكن لما فيه من صوم أيام النهي والضعف عن ما هو أهم منه؛ كره؛ فإذا صام ستة مع الشهر الذي هو ثلاثون؛ كتب له صيام ثلاث مئة وستين يوماً؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها, وكذلك فسره النبي صلى الله عليه وسلم, فحصل له ثواب من صام الدهر من غير مفسدة, لكنْ بصومه رمضان, ومن صام ثلاثة أيام من كل شهر؛ حصل له ثواب صيام الدهر بدون رمضان, ويبقى رمضان له زيادة.
٦٠٦ - وهذا كما قال الله سبحانه للنبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات:«هي خمس, هي خمسون؛ لا يبدل القول [لديّ]
فهي خمس في العمل وخمسون في الأجر.
وكان أحمد ينكر على من يكرهها كراهة أن يلحق برمضان ما ليس منه؛ لأن السنة وردت بفضلها والحض عليها, ولأن الإِلحاق إنما خيف في أول الشهر؛ لأنه ليس بين رمضان وغيره فصل, وأما في آخره؛ فقد فصل بينه وبين غيره بيوم العيد, وكان نهيه صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم العيد وحده دليلاً على أن النهي مختص به, وأن ما بعده وقت إذن وجواز, ولو شاء؛ لنهى عن أكثر من يوم؛ كما قال في أول الشهر: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين».
وسواء صامها عقيب الفطر أو فصل بينهما, وسواء تابعها أو فرقها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«وأتبعه بست من شوال» , وفي رواية:«ستّاً من شوال» , فجعل