للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولأن مريم عليها السلام قد اخبر الله سبحانه أنها جعلت محررة له, وكانت مقيمة في المسجد الأقصى في المحراب, وأنها انتبذت من أهلها مكاناً شرقيّاً, فاتخذت من دونهم حجاباً, وهذا اعتكاف في المسجد واحتجاب فيه, وشرع ما قبلنا شرع لنا, ما لم يرد شرعنا بنسخه, ولأن هذه العبادة لا تفعل إلا في المسجد, فلو كرهت لها؛ للزم تفويتها بالكلية, ونحن لا ننهى عن العبادة بالكلية؛ لجواز أن يفتتن بها إنسان, مع أن الظاهر خلافه.

ولهذا لا يكره لها الخروج لمصلحة متعينة من عيادة أهلها ونحو ذلك؛ بخلاف خروجها في الجنائز؛ فإنه لا فائدة فيه, وفيه مفاسد ظاهرة.

ولهذا لا يكره لها حج النافلة, بل هو جهادها, مع أن خوف الفتنة به أشد ما لم يكن فعله إلا كذلك.

وأما خروجها للجمعة والجماعة إن سلم؛ فلها مندوحة عن ذلك بأن تصلي في بيتها, وكذلك الطواف إن سلم؛ فإن لها في الطواف بالليل مندوحة عن النهار.

فعلى هذا لا يستحب الاعتكاف للنساء, ولا يكون الأولى بتركه, بل الأولى فعله, إذا لم يكن فيه مفسدة.

كما قال في رواية أبي داوود, وذكر النساء يعتكفن في المسجد ويضرب لهن فيه الخيم: وقد ذهب هذا من الناس, ويستحب لها أن تستتر من الرجال بخباء ونحوه.

نص عليه اقتداء بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ونساء السلف كما ذكره أحمد, ولأن المسجد يحضره الرجال, والأفضل للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهم الرجال.

<<  <  ج: ص:  >  >>