وقد بين صلى الله عليه وسلم أن من اعتكف العشر الأواخر؛ فإنه يعتكف ليلة إحدى وعشرين.
وعنه: فيمن يعتكف العشر: أنه يدخل بعد صلاة الصبح أو قبل طلوع الفجر على الروايتين في اليوم.
وقد ذكر ابن أبي موسى رواية فيمن أراد اعتكاف شهر: أنه يدخل قبل طلوع الفجر من أوله. وسيأتي إن شاء الله.
٨٤٩ - فإن قيل: فقد روي عن عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف؛ صلى الفجر, ثم دخل معتكفه, وأنه أمر بخبائه, فضرب, ثم أراد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان». متفق عليه.
قلنا: قد أجيب عن ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد أن يعتكف الأيام لا الليالي, ويشبه والله أعلم أن يكون دخوله معتكفه صبيحة العشرين قبل الليلة الحادية والعشرين؛ فإنه ليس في حديث عائشة أنه كان يدخل معتكفه صبيحة إحدى وعشرين, وإنما ذكرت أنه كان يدخل المعتكف بعد صلاة الفجر, مع قولها:«إنه أمر بخبائه فضرب, ثم أراد الاعتكاف في العشر الأواخر». والعشر صفة لليالي لا للأيام؛ فمحال أن يريد الاعتكاف في الليالي العشر وقد مضت ليلة منها, وإنما كون ذلك إذا استقبلها بالاعتكاف, وقد ذكرت أنه اعتكف عشراً قضاء للعشر التي تركها, وإنما يقضي عشراً من كان يريد أن يعتكف عشراً.