فعلى هذا: إن نذر اعتكاف عشرة أيام؛ تلزمه متتابعة كما يلزمه الصوم.
وقال ابن عقيل عن أحمد: الفرق بين الأيام والشهر, فأوجب التتابع في الشهر دون الأيام.
وزعم القاضي أنه لا فرق بين ثلاثين يوماً وعشرة أيام. قال: ولعله سهو من الراوي.
وليس كما قال؛ لأن عدول الحالف عن لفظ (شهر) إلى لفظ (ثلاثين يوماً) , مع أنه أصل, وهو خلاف المعتاد: دليل على أنه أراد معنى يختص به؛ بخلاف لفظ عشرة أيام؛ فإنه ليس لها إلا لفظ واحد, والمطلق في القرآن من الصوم محمول على التتابع؛ فكذلك في كلام الآدميين.
وإذا وجب التتابع؛ لزمه اعتكاف الليالي التي تتخلل الأيام, فأما ليلة أول يوم؛ فلا تلزمه؛ مثل أن يقول: لله عليَّ اعتكاف يومين. فتجب الليلة التي بينهما دون التي قبلهما, هذا هو المشهور. وعلى الرواية المذكورة.
قيل: تجب الليلة التي قبل.
قال ابن عقيل: ويتخرج وجوب يومين بلا ليلة أصلاً؛ كما لو أفرد؛ لأن ليلة اليوم الأول لما لم يلزم أن تدخل في اعتكافه؛ كذلك ليلة اليوم الثاني.
وأما إذا لم يجب التتابع؛ فإنما تجب عشرة أيام بلا ليال. ذكره ابن عقيل وغيره. كما لو قال: عليَّ أن أعتكف يوماً؛ فإن اليوم اسم لبياض النهار خاصة, وهذا كله عند الإِطلاق.
فإن نوى شيئاً أو شرطه بلفظه؛ عمل بمقتضاه قولاً واحداً. . . .