الاعتكاف, يملك أن يشترط شيئاً يبطل مثله الاعتكاف مع عدم الشرط؛ كما أنه يجوز أن يشترط يوماً ويوماً لا, ولا يملك أن يطأ في اليوم الذي لم ينذر اعتكافه, ومع هذا لا يملك أن يطأ.
فأما اشتراط المباح؛ على ما ذكره القاضي: لا يجوز.
وقال بعض أصحابنا: يجوز شرط ما يحتاج إليه؛ كالأكل والمبيت في المنزل؛ لأن الاعتكاف يجب بعقده, فكان الشرط إليه فيه كالوقف.
ولأنه لا يختص بقدر, فإذا شرط الخروج؛ فكأنه نذر القدر الذي أقامه.
أما الأكل؛ ففيه عن أحمد روايتان؛ كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأما المبيت؛ فقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يُسأل عن المعتكف يشترط أن يأكل في أهله؟ قال: إذا اشترط؛ فنعم. قيل له: وتجيز الشرط في الاعتكاف؟ قال: نعم. قلت له: فيبيت في أهله؟ قال: إذا كان تطوعاً؛ جاز.
فأخذ بعض أصحابنا من هذا جواز شرط المبيت لجواز شرط الأكل, [و] ليس بجيد؛ فإن أحمد أجاز الأكل بالشرط مطلقاً, وأجاز المبيت في الأهل إذا كان متطوعاً, ولم يعلقه بشرط, فعلم أنه لا يجوز في النذر.
وليس هذا لأجل الشرط, بل لأن التطوع له تركه متى شاء؛ فإذا بات في أهله؛ كأنه يعتكف النهار دون الليل.
ولو نذر أن يعتكف عشرة أيام يبيت بالليل عند أهله؛ يكون قد نذر اعتكاف الأيام دون الليالي, فيكون اعتكاف كل يوم اعتكافاً جديداً يحتاج إلى نية مستأنفة.
وإذا خرج بالليل؛ لم يكن معتكفاً, حتى لو جامع أهله فيه؛ كان له ذلك.