فقال ابن حامد: يأكل في بيته اللقمة واللقمتين مع أهله, فأما جميع أكله؛ فلا؛ لأن ذاك يسير, لا يعد به معرضاً عن الاعتكاف؛ لأن تناول اللقمة واللقمتين لا يمنعه المرور في طريقه, فأشبه مساءلته عن المريض في طريقه.
وقال غيره: ليس له ذلك؛ لأنه لبث في غير معتكفه لما له منه بُد, فأشبه اللبث لمحادثة أهله.
فأما إن أكل وهو مارٌّ؛ فلا بأس بذلك؛ لأنه لا احتباس فيه.
وقال القاضي: يتوجه أن يقال: له أن يخرج للأكل في بيته؛ لأن الأكل في المسجد دناءة وسقوط مروءة, ولأنه قد يخفي جنس قوته عن الناس, ويكره أن يطلع, مثل الشعير والذرة.
قال القاضي وابن عقيل: إذا خرج لحاجة, فأراد أن يقيم للأكل؛ فالحكم فيه وفي الخروج للأكل ابتداء واحد.
قال شيخنا: يجوز أن يأكل اليسير في بيته؛ مثل اللقمة واللقمتين مع أهله, فأما جميع أكله؛ فلا.
وهذا والله أعلم غلط على ابن حامد؛ فإنه يجوز الخروج ابتداء, وإنما يجوز الأكل اليسير إذا خرج لحاجة؛ كما يجوز السؤال عن المريض في طريقه.
وقال أبو الخطاب: إذا خرج لما لا بد منه من الأكل والشرب وقضاء حاجة الإِنسان؛ لم يبطل اعتكافه, والصواب المنصوص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يدخل البيت إلا لحاجة الإِنسان, وهذا يقتضي أنه كان يأكل في المسجد, ولأن الخروج من المسجد مناف للاعتكاف؛ فلا يباح منه إلى القدر الذي تدعو إليه الحاجة, ولا حاجة إلى الخروج للأكل والشرب.