للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسلام- في صُورةِ دِحْية بن خليفة، وقد رآهُ على هيئته مرتين، وعِرْفَانه له هنا إنما هو في آخر الأمر فقط، كما جاء في "صحيح البخاري". وعرفانه له إمَّا: وحيٌ، أو نَظَر، وفي رواية: "مَا جاءَني في صُورة لَمْ أعْرِفها إلا في هذه المَرَّة" (١). ولا يُخاضُ هنا فيما خاضت فيه أهلُ الحُلول -عَصَمَنَا الله مِنهُ-.

الثلاثون: "دينُكُم" أي: قواعده أو كُلياته، و"الدِّين" المِلة، والشريعة، ويُستَعْمَلُ -أيضًا- في الجَزَاء، فَمِنْهُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: ٤] أي: يوم الجزاء.

وبمعنى العادة: كَدِينكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَا ... (٢).

وروي: كدأبك، وهو أشهَر.

وظَاهر قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩]، وقوله: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: ٨٥] أنَّ الإسلام جميع الدِّين لا بعضهُ، وإنْ كانَ ظاهِرُ حديث جابر إطلاق الدين على الثلاثة: الإسلام، والإيمان، والإحسان.

* تتمات (٣):


(١) رواه أحمد (١/ ٤٣٩ رقم ٣٧٤)، والنسائي في "الكبرى" (٥/ ٣٨٠ رقم ٥٨٥٢)، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (١/ ٣٧٦ رقم ٣٦٨، ٣٦٩، ٣٧٠) عن ابن عمر! والصواب أنه عن عمر - رضي الله عنه -. وإسناده صحيح كما قاله الشيخ أحمد شاكر في "المسند" (١/ ٣٧٣)، وقد نبَّهَ -رحمه الله- إلى أن الأخَوَين عبد الله وسليمان ابنا بريدة -وكلاهما ثقة- قد اختَلَفَا فيمن حضر سؤالات جبريل: ابن عمر أو عمر! والراجح رواية عبد الله بن بريدة أن عمر هو الذي حضر، وحدث ابنه عنه، ويكون الوهم في حذف "عمر" في هذا الإسناد من سليمان أو مِن علقمة بن مرثد. وانظر كلام الإمام الترمذي في "السنن" (٤/ ٣٥٧ تحت رقم ٢٦١٠).
(٢) صدر بيت لامرئ القيس من "معلقته" (٣٢ رقم ٧) وعَجزُهُ: "وَجَارَتها أُمِّ الرَّباب، بمِأسلِ". وروي: "كدأبكَ" و"كدينك" -كما ذكر المؤلف- وكلاهما بمعنى العادة.
(٣) هذه التتمَّات مستفادة من شرح الطوفي، وهي مفرَّقةٌ فيه جمعها المؤلف هنا.

<<  <   >  >>