للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمُراد أنه يُؤْمَرُ بذلك بعدَ أن يسأل عنه فيقول: يا ربَ! ما الرِّزق؟ ما الأجل؟ ما العمل؟ وشقيٌّ أو سعيد؟ كما تَضَمَّنَتْهُ الأحاديث المذكورة مع هذا الحديث.

وفي "الصحيح" مِن طريق ابن مسعود (١)، وابن عمر (٢) أنَّ النُّطفةَ إذا استَقرَّت في الرَّحِم أَخَذَها المَلَك فقال: "أي ربِّ! ذَكَر أم أنثى؟ شقيٌّ أَمْ سعيد؟ ما الأجل؟ ما الأثر؟ بأي أرض تموت؟ فيقال له: انطَلِق إلى أم الكِتَاب؛ فإنَّكَ تجد قصَّةَ هذه النُّطفَة، فينطَلِق فَيَجِد قِصَّتها في أم الكتاب؛ فتلحق، فتأكل رزقها، وتطأ أثرها، فإذا جاءَ أجلها قُبِضَتْ فَدُفِنت في المَكان الذي قُدِّرَ لها".

زادَ في رِوايةٍ مِن حديث ابن مسعود: "أنَّ المَلَك يقول: يا ربِّ! مخَلَّقةً أو غيرَ مُخَلَّقةٍ، فإن كانت (٣) غيرَ مخَلَّقةٍ قَذَفَتها الأرحام دَمًا، وإن قيلَ: مُخَلَّقةً قال: أي ربِّ ذَكر أم أنثى" (٤) إلى آخر ما سَلَف.

فالمُراد بالاستقرار: صَيْرُورة النُّطفة عَلَقة ومُضغة، لأنَّ النّطفةَ قبلَ ذلِكَ غير مجْتَمعةٍ كما سَلَف، فإذا اجتمعت وصارت علقةً أو مُضغةً، أمْكَنَ حينئذٍ أنْ


(١) ليس في الصحيح بهذا اللفظ، وقد رواه الطبري (١٧/ ٩٠)، وابن أبي حاتم (٨/ ٢٤٧٤ رقم ١٣٧٨١). وانظر: "جامع العلوم" (١/ ١٦٠)، و"الفتح" الثاني (١١/ ٤٩١). وقد ذكره القرطبي في "المفهم" (٦/ ٦٥١ - ٦٥٢) ولم يعزه إلى "الصحيح" ومنه استفاد المؤلف هذه المسألة والتي تليها، إلا أن يريد أن حكم الحديث هو الصحة.
(٢) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (١/ ١٤٨ رقم ١٨٨ - ١٩٢)، والفريابي في "القدر" (١١٠ رقم ١٤١، ١٤٢)، وابن حبان (١٤/ ٥٤ رقم ٦١٧٨)، وأبو يعلى (١٠/ ١٥٤ رقم ٥٧٧٥)، والآجري في "الشريعة" (٢/ ٧٨٣ رقم ٣٦٣)، وابن بطة في "الإبانة" (٢/ ٢٩ رقم ١٤١٠ القدر)، واللالكائي (٤/ ٦٥٦ رقم ١٠٥٠، ١٠٥١) بنحوه من طرق عن ابن عمر - رضي الله عنه - رفعه، وهو صحيح، صححه الألباني في "ظلال الجنة" (١/ ٨١ رقم ١٨٢).
(٣) في الأصل: "كان" والتصويب من مصادر التخريج، و"المفهم".
(٤) تقدَّم تخريجه في الذي قبله.

<<  <   >  >>