للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليكَ" (١). أي: مردود؛ فمعناه: أنهُ باطِلٌ غير معتدٍّ به.

وقوله: "ليسَ عليهِ أَمْرُنَا" أي: لا يَرْجعُ إلى دَليلِ شرعنا، كما سَلَفَ.

الثالث: هذا الحديث قاعِدَةٌ عَظِيمةٌ مِن أعظَمِ قَواعِدِ الدِّين، وأعمَّها نفعًا، وينبَغِي حِفْظُهُ وإشاعَتُهُ واستعمالُه في إبطالِ المُنْكَرات، وهوَ مِن جَوامِعِ كَلِمِهِ الذي أوتيها -عليه أفضَلُ الصلاة والسَّلام-، وذلِكَ أنهُ صَريحٌ في ردِّ كُلِّ بِدْعَةٍ، وكلِّ مُخْتَرَعٍ مِمَّا لا يُوافِقُ قَواعِد الشَّريعة (٢).

ورِوايَةُ مُسْلمٍ: "عَمَلًا" حَسَنةٌ، وهي الثَّابتة، وذلِكَ أَنَّهُ قَدْ يُعانِدُ بعضُ الفَاعِلين بدعة سُبِقَ إليها؛ فإذا احتُجَّ عليه بالحَديث، يقول: أنا ما أَحْدَثتُ شيئًا! فَيُردُّ عليه بالرِّواية الأخرى "مَنْ عَمِلَ" وكُلُّهُ صريح في ردِّ المُحْدَثَات؛ سواءٌ أحْدَثَها هو أو غيره، فكلُّ مَا خَرجَ على الشَّرع باطِلٌ لا عِبْرَةَ بهِ، فكُلُّ دليلٍ نافٍ لحكم ما ليسَ مِن شرعنا وليسَ عليهِ أَمْرُنا، وعُدَّ مِنَ المَنْهِيَّات: الطَّهارة بماء حرام أو نجسٍ، والصلاةُ بغير نيَّةٍ، وبدون استقبال القِبلة وباقي الشرائط، والصوم بغير نِيَّةٍ، والحج كذلكَ، والبيوع المنهي عنها: كالغرر، والنَّجش.

والأنكِحة: كالشِّغار، والمُتعةِ.

والتخصيصات أمرٌ شرعي (٣).


(١) رواه البخاري (٣/ ١٩١ رقم ٢٧٢٤ وانظر أطرافه في ٢٣١٤)، ومسلم (٣/ ١٣٢٤ رقم ١٦٩٧) عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجُهَني - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "شرح النووي لمسلم" (١٢/ ٢٥٧ - ٢٥٨).
(٣) يعني: تخصيص بعض أوامر الشَّرع العامة بدليلٍ أمرٌ شرعيٌّ، وإن لم يكن ثمَّة دليل فالتخصيص باطِلٌ. انظر: "التعيين" (٩٤).

<<  <   >  >>