للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثالثها: أنها غيرهما، فيُتَوقَّفُ وهو مِن باب الورع -أيضًا-، يُوَضِّحهُ قوله: "لا يعلَمُهنَّ كثيرٌ مِنَ الناس" وهو دالٌّ على أن منهم مَن يَعْلَمُها على حالها، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "كيفَ وقَدْ قِيلَ" (١).

وقال لِسَوْدَة: "احتجبي مِنهُ" -أي: احتياطًا- وهي أخت عَبْد (٢) بن زَمْعَةَ؛ لأجلِ الشَّبَهِ (٣).

وقال لعديٍّ: "إنَّمَا سَمَّيْتَ على كَلْبِكَ ولم تُسَمِّ على الآخَر" (٤).

الثانية (٥): قسَّمَ ابن المُنْذِر الشُّبه أقسامًا (٦): شَيءٌ يَعْلَمُهُ المَرْءُ حَرامًا ثم يشكُّ فيه، هل هو باقٍ أم لا؟ فلا يحل الإقدام عليه إلَّا بيقين. كَشَاتَيْن ذَبَحَ أَحَدَهُمَا مجوسي وشَكَكْنَا في عَيْنِها.

وعكسه أن يكون الشيء حلالًا، فيشك في تحريمه كالزَّوجَة يشك في طلاقها، والأَمَة يشك في عِتقِها، وكالحَدَث يَشُكُّ فيه بعدَ يقينِ الطَّهارةِ فلا أَثَرَ لهُ.


(١) رواه البخاري (١/ ٢٩ رقم ٨٨) عن عقبة بن الحارث - رضي الله عنه -.
ولفظه: "أن عقبةَ تَزَوَّجَ ابنةً لأبي إهابِ بن عَزِيز فأَتَتْهُ امرَأَةٌ فقالت: إنِّي قَدْ أرْضَعتُ عُقْبَةَ والتي تَزَوَّجَ. فقالَ لها عُقْبَةُ: مَا أعلَمُ أنِّكِ أرْضَعْتِنِي ولا أَخْبَرْتِنِي، فرَكِبَ إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدِينةِ فَسَأَلهُ؛ فقال رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كَيْفَ وقَدْ قِيلَ" فَفَارَقَها عُقْبَةُ ونَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ".
(٢) في الأصل: "عبدة" والتصويب من "البخاري" وغيره.
(٣) رواه البخاري (٣/ ٥٤ رقم ٢٠٥٣) عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -.
(٤) رواه البخاري (٣/ ٥٤ رقم ٢٠٥٤)، ومسلم (٣/ ١٥٣٠ رقم ١٩٢٩/ ٣) عن عديِّ بن حاتم - رضي الله عنه -.
(٥) أي: الفائدة الثانية.
(٦) انظر: "الإقناع" لابن المنذر (٢/ ٥٥١ - ٥٥٤).

<<  <   >  >>