للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثالِثُهَا: هذا الحديث مَرْجِعُهُ مِنَ القُرآن: قوله تعالى: {إذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: ٩١]، ولهذا ذَكَرَهَا البخاري معه (١).

وأخرجَ الشَّيخان في "صحيحيْهِما" مِن حديث جرير بن عبد الله البَجَلي: "بايَعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على (٢): إِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، والنُّصْح لِكُلِّ مُسْلِمٍ" (٣).

رابعُها: هذا الحديثُ عظيمُ الشَّأنِ، وعليهِ مَدَارُ الإسلام، ولا يُقبَلُ مِنْ قَوْلِ بعضهِم أنهُ أَحَدُ أَرباعِ الإسلام (٤)، بل مَدَارُها عليه، فإنهُ جِماعُها؛ لإيجازِه وكثرةِ معانِيهِ، بل هي داخلة تحت كلِّ كلمةٍ مِنْهُ؛ فالكتابُ مُشْتَمِل على الدِّينِ كُلِّهِ أَصْلًا وَفَرْعًا، عَمَلًا واعتِقادًا، فإذا آمَنَ بِهِ وعَمِلَ بما تَضَمَّنهُ على وجههِ فقد جمعَ الكُلَّ.

و"النَّصِيحَةُ": كلِمَةٌ جامِعَةٌ، معناها: حيازَةُ الحَظِّ للمنصوح لهُ، ومعناه: قِوامُ الدِّين وعماده النَّصيحةُ، كـ"الحَجُّ عَرَفَة" (٥)، و"الناس تميم"، و"المالُ الإبل".


(١) انظر: "صحيح البخاري" (١/ ٢١) في آخر بابٍ مِن "كتاب الإيمان".
(٢) في الأصل: "عن".
(٣) رواه البخاري (١/ ٢١ رقم ٥٧)، ومسلم (١/ ٧٥ رقم ٥٦).
(٤) القائل هو الإمام محمد بن أسْلَمْ الطُّوسي (ت: ٢٤٢ هـ) كما في "صيانة مسلم" (٢٢٣)، و"جامع العلوم" (١/ ٢١٦)، و"فتح الباري" لابن حجر (١/ ١٦٧).
(٥) رواه أحمد (٣١/ ٦٤ رقم ١٨٧٧٤)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٨/ ٢٦٩ رقم ١٣٨٦٣)، و"المسند" (٢/ ٢٤١ رقم ٧٣١)، والطيالسي (٢/ ٦٤٣ رقم ١٤٠٥)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٢/ ٢٠٥ رقم ٩٥٧)، وأبو داود (٢/ ٣٣٢ رقم ١٩٤٩)، والترمذي (٢/ ٢٢٦ رقم ٨٨٩)، والنسائي في "المجتبى" (٥/ ٢٦٤ رقم ٣٠٤٤)، وفي "الكبرى" (٤/ ١٥٩ رقم ٣٩٩٧)، وابن ماجه (٢/ ١٠٠٣ رقم ٣٠١٥)، والحاكم (١/ ٤٦٤)، (٢/ ٢٧٨)، والبيهقي في "الكبرى" (٥/ ١٧٣) عن عبد الرحمن الديلي - رضي الله عنه -. والحديث صحَّحهُ الحاكم، ووافَقَهُ الذهبي، وصحَّحهُ الألباني في "الإرواء" (٤/ ٢٥٦ رقم ١٠٦٤). ومعناه: أنَّ مُعظمَ الحجِّ الوقوف بعرفة؛ لأنه إذا أدرك عرفةَ، فقد أَمِنَ فَوَاتَ الحجِّ.

<<  <   >  >>